الحاجة للترجمة ضرورية ولا يتم
للداعي دعوة إلا بذلك
ويدل على ذلك من الشرع المطهر أدلة
كثيرة منها: ما تقدم وهو أن المقصود هوالتذكير بحق الله والدعوة إليه والتحذير مما
نهى الله عنه ولا يحصل
ذلك إلا بلغة القوم المراد توجيه الحديث اليهم ، ومنها: أن الله سبحانه إنما أرسل
الرسل عليهم السلام
بألسنة قومهم ليفهموهم مراد الله سبحانه بلغاتهم، كما قال عز
وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ
لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}،
وقال عز وجل: {كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ
النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى
صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}.
وكيف يُمكن إخراجهم به من الظلمات إلى النور وهم لا يعرفون معناه ولا يفهمون مراد الله منه؟!! فعُلم أنه لابد من
ترجمة تبين المراد وتوضح لهم حق الله سبحانه إذا لم يتيسر لهم تعلم لغته والعناية بها، ومن ذلك أن الرسول
صلى الله عليه وسلم أمر
زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود ليكاتبهم بها ويقيم
عليهم الحجة، كما يقرأ كتبهم إذا وردت ويوضح للنبي صلى
الله عليه وسلم مرادهم، ومن ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم لما غزوا بلاد العجم من فارس والروم لم يقاتلوهم حتى دعوهم إلى
الإسلام بواسطة المترجمين، ولما فتحوا البلاد العجمية دعوا الناس إلى الله سبحانه باللغة العربية وأمروا
الناس بتعلمها ومن جهلها
منهم دعوه بلغته وأفهموه المراد باللغة التي يفهمها،
فقامت بذلك الحجة وانقطعت المعذرة، ولا شك أن هذا السبيل
لا بد منه ولاسيما
في آخر الزمان وعند غربة الإسلام وتمسك كل قبيل بلغته.
فإن الحاجة للترجمة ضرورية ولا يتم للداعي دعوة إلا بذلك.
وأسأل الله أن يوفق المسلمين أينما كانوا للفقه في دينه والتمسك بشريعته والاستقامة عليها، وأن يُصلح ولاة أمرهم
وأن ينصر دينه ويخذل أعداءه إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على عبده
ورسوله محمد
وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.